Speech of Dr. Mohamed Selim
( Former Director of Center for Asian Studies, Cairo University )
Page (9)
خامساً : حوار حضارات "منتج لمعرفة جديدة"
يعتمد نجاح حوار الحضارات على مدى تعامله مع القضايا الراهنة التي
تؤثر على العلاقات بين تلك الحضارات . ذلك أن اقتصار الحوار على
استدعاء الخبرات التاريخية ومحاولة إعادة تفسيرها وتقديمها بشكل يوحي
بإيجابية العلاقة بين الحضارات عبر التاريخ ، أو اقتصاره على تأكيد
أطراف الحوار لفضل حضارتهم على الحضارات الأخرى ، كل ذلك يحكم على
الحوار بعدم القابلية للاستمرار . حوار الحضارات الفعال ينبغي أن
يتعامل مع القضايا المطروحة على أجندة النظام العالمي ، وعلى أجندة
العلاقات بينهم . كما أن هذا التعامل ينبغي أن يركز على الرصد
المنهجي لرؤى كل حضارة لتلك القضايا وتحديد ما هو مشترك وما هو مختلف
في تلك الرؤى . ومن ذلك قضايا العولمة ، وحقوق الإنسان والديمقراطية
، والتنمية ، والهندسة الوراثية والإرهاب ، وأسلحة الدمار الشامل ،
واحتلال أراضي الغير . وفي كل تلك القضايا ، فإن حوار الحضارات لابد
وأن ينتج "معارف جديدة" تضاف إلى ما نعرفه بالفعل . وبذلك يسهم
الحوار في إثراء التقدم البشري ، من ناحية ، وإزالة أشكال سوء الفهم
بين الحضارات من ناحية أخرى .
سادساً : التطبيق العالمي للقيم المتفق عليها في حوار الحضارات
تعتمد قيمة حوار الحضارات لدى المتحاورين ليس فقط على قدرته على
إنتاج معرفة جديدة ، وإنما أيضاً على مدى القدرة على ترجمة تلك
المعارف إلى سياسات قابلة للتطبيق . ونعني بذلك أنه إذا تم التوصل
إلى تحديد قيم مشتركة بين الحضارات ، فإن الأمر لابد وأن يتطور إلى
النظر في التطبيق العام لتلك القيم على القضايا المطروحة . وعلى سبيل
المثال فإنه إذا اتفق على أهمية نزع أسلحة الدمار الشامل فإن ذلك
النزع لابد وأن يشمل جميع الدول، وإذا اتفق على رفض التطهير العرقي ،
فإن هذا الرفض لابد وأن ينصرف إلى كل الممارسات مهما كان مصدرها . أن
التطبيق الانتقائي لتلك القيم من شأنه أن يعطل من صدقية حوار
الحضارات .
سابعاً : الحوار داخل الحضارات
ليس من المتصور أن ينجح الحوار بين الحضارات في الوقت الذي تكون فيه
الحضارة الواحدة منقسمة ذاتياً ،ومتخلفة اجتماعياً . فانقسام الحضارة
الواحدة إلى وحدات متصارعة ليس بينها حوار لا يوفر إطاراً مناسباً
لدخول تلك الحضارة في حوار فعال مع الحضارات الأخرى . ولنأخذ مثالاً
على ذلك بالانقسام السني – الشيعي داخل الحضارة الإسلامية . لقد أدى
هذا الانقسام إلى ضعف الحضارة الإسلامية ، ووقوعها تحت السيطرة
الاستعمارية الأوروبية . وما زالت آثار هذا الانقسام ماثلة حتى اليوم
إلى حد أن بعض السنة لا يعترفون بانتساب الشيعة إلى الإسلام ، وما
زال القتل على الهوية المذهبية شعاراً تمارسه بعض جماعات السنة
المتطرفة (في باكستان مثلاً) .
ومن ثم ، فإن حواراً فعالاً حول القضايا المذهبية الكبرى داخل
الحضارة الواحدة هو أمر ضروري لنجاح حوار الحضارات ، ما لم نسلم
بوجود حضارة فارسية وأخرى عربية ، وبالتالي انقسام الحضارة الإسلامية
إلى حضارات قومية .
من ناحية أخرى ، فإن نجاح حوار الحضارات يفترض وجود حوار مماثل داخل
الدول المنتسبة إلى الحضارة حول المشروع الوطني للتنمية ، أى تحقيق
التنمية الشاملة ، وتدعيم الديمقراطية والتعددية السياسية ، وقبول
فكرة التسامح الفكري واحترام حقوق الأقليات. فمن شأن تحويل هذا
الحوار إلى واقع إجرائي أن تستطيع الحضارة التعامل بندية مع الحضارات
الأخرى . (17)
Page01
Page02
Page03
Page04
Page05
Page06
Page07
Page08
Page09
Page10
Page11
Page12
Page13
Page14
Page15 |